Wednesday, October 23, 2013

يعطيك الرب سؤل قلبك

يعطيك الرب سؤل قلبك

من الأحباء الذين عاصروا بداية كنيسة مارجرجس باسبورتنج، عائلة متدينة ملتصقة بالكنيسة، نزحت من المنصورة منذ زمن ثم ارتبطت هذه الأسرة بأبينا بيشوي ارتباطًا روحيًا وثيقًا ...فرب الأسرة رجل ملتزم يحيا في خوف الله وله تاريخ حي مع المسيح وعشرة طيبة، والزوجة فاضلة بمعنى الكلمة ... ربت الأولاد في خوف الله فنشأوا جميعًا خدامًا وشمامسة محبين لله ملتصقين بوصاياه  ... شيء شهي للنفس أن تراه، إذ تجد هذا المناخ الروحي المفرح الذي إذا نمت النفس فيه تجد سندًا، وأى سند ضد تيارات الشر التي في العالم .تخرج الإبن الأكبر من الجامعة وشغل منصبًا ممتازًا، وهو إذ صار في سن الزواج رزقه الله بفتاة متدينة من عائلة محبة للمسيح وكان أن ارتبط بها وقد فرح به أبواه كباكورة للفرح وكعربون للسعادة الأبدية .

كانت الزوجة الشابة قد أنعم الله عليها بقلب نقي عجيب، وبساطة طفولية وبراءة نقية من شوائب الدنيا ... وكانت تعترف عليّ ، إذ قد تركت بلدها وأب اعترافها بعد أن تزوجت وعاشت في الإسكندرية  ..فكنت أجد فيها صورة لنقاوة القلب وبساطة الحياة وكنت أدعو لها دائمًا أن تنمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح .

جاءتني مرة تقول : هل كل طلبة نطلبها من الله يستجيبها؟ 
قلت لها :نحن تعودنا أن نضع طلبتنا أمام الله ونثق في حبه لنا، وأنه يختار ما هو الصالح لحياتنا والنافع لأبديتنا ويعطينا حسب غنى نعمته الفائقة وحسب قلبنا المتجه إليه لأنه مكتوب  "يعطيك الرب بحسب قلبك  "...
قالت :ولكني أطلب من الله بكل ثقة وإيمان ولكنه في نفس الوقت طلب غريب !
قلت :وما هو طلبك؟ 
قالت :إنني أطلب من الرب أن يعطيني بنتين توأم  ....
سأكون في غاية الفرح، إذ ينميا أختين متحابتين، أعتني بهما معًا وألبسهما ثيابًا بنفس الشكل وأمشط شعرهما بنفس الطريقة ... وهذه هي أمنيتي وطلبتي لدى الله . 
وكنت أنا أندهش من هذا الكلام وخيل إليّ أنها أحلام طفولية ساذجة، 
وكيف تكون هذه الأمور في حد ذاتها طلبة !
ولكني كنت أراجع نفسي وأقول ما شأني أنا؟ إنها تطلب من قابل
الصلاة والذي قال " اطلبوا تجدوا، اسألوا تعطوا "...فماذا لىّ أنا في تقييم الصلاة أو قبولها ...دعها وشأنها وهو العارف قلوب البشر وهو الذي يعطي بسخاء ولا يعيّر .
لذلك كت أجيبها أنه مهما طلبنا فهو يسمع ولكن استجابة الصلاة أمر يعرفه هو وحده ... 
ثم رجعت بعد عده شهور وأعلمتني أنها حامل وأنها مازالت تكرر الطلب والسؤال لدى الله متشفعة بالقديسة الطاهرة مريم والشهيد العظيم مارجرجس  ..وكنت أصلي لها وأتعجب من إيمانها .

جاءتني يومًا وهي في غاية الانفعال وهي تقول تصور أنني دخلت إلى الكنيسة اليوم و ذهبت لأوقد شمعة أمام أيقونة مارجرجس، وإذا الشمعة بها فتيلتين، فكدت أطير من الفرح وكأن الله يكلمني بصوت أكثر وضوح من أى صوت ... 
ألا تعتبر هذه إشارة من الله؟ 
وبالحق لم يكن في عقلي أوفمي جواب، ولكني كنت أقول لها الله قادر على كل شيء .
ثم جاءت إليّ في يوم آخر وعليها علامات الفرح بأكثر وضوح وثقة في إيمان راسخ وقالت ليّ :
مرة أخرى ونحن بعد الغذاء مددت يدي وأخذت موزة لآكلها ...فتحتها وإذا هي توأم موزتان في واحدة 
لم يكن أيامها أجهزة من التي تكشف عن الأجنة في بطون أمهاتها ...وكان نوع الطفل
لا يعرف إلا عند الولادة .
أكملت أيامها بسلام وعند الولادة إذ بها تضع توأم بنتين ...
كم كانت فرحتها ليس فقط بالبنتين بل أن الله استجاب طلبتها وسمع صلاتها .

كنت أتعجب في نفسي من هذا الإيمان الواثق والقلوب البسيطة التي تستطيع أن تأخذ من الله بطريقة يصعب التعبير عنها وقد ريتهما كما طلبت من الله وكبرتا تترعرعان في حضن البيعة المقدسة كزهرتان مغروستان على مجاري مياه الروح .
إلى هنا أعاننا الرب .

منقول من : ...
المؤلف: جناب القمص/ لوقا سيداروس
الكتاب : رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الناشر : كنيسة مارجرجس باسبورتنج
الجزء الثالث

Tuesday, October 15, 2013

طبيب يحيا حياة الصلاة

طبيب يحيا حياة الصلاة

الأطباء الذين يتعاملون مع جسد الإنسان حين يضعف وتعصف به عواصف الأمراض هم أقدر الناس على معرفة حقيقية الإنسان من جهة ضعف الجسد وكم هو زائل. والذين تربطني بهم صلة من الأطباء، كنت أوجه نظرهم دائمًا إلى أمور غايه في الخطورة لكي يتمجد الله بهم وفيهم . 

فالأمر الأول الذي لا يحتاج إلى برهان ... أن الجسد الذي نحيا فيه هو غاية في الضعف .فلا مجال إذن للتباهي والتعالي والاتكال على الذات أو المعرفة أو الخبرة التي تقود الإنسان إلى هوة الكبرياء .. فرؤية الجسد على حقيقته في المرضى، هو هو رؤية الإنسان لذاته وإدراكه مقدار حقارة طبيعتنا وضعفها .هذا هو سبيل الاتضاع في حياة الطبيب .

وقد قرأت قصة عن طبيب كان قد فاق في علمه أهل زمانه فهو من رواد علاج مرض السرطان، ولكنه كان يتعامل مع المرضى كإله متعال ...يتكلم عبارات مقتضبة، وكلمات قليلة وكأن قلبه قد صار من صخر، فهو بالنسبة للمرضى بلا إحساس وبلا تقدير للآلام .وقد حدث في حياة هذا الطبيب ما لم يكن في الحسبان، فقد أُصيب هو بمرض السرطان، ثم بدأ في سلسلة الآلام والعلاجات ... نفس المشوار الذي كان يراه في الناس ... ولكنه في هذه المرة محسوس بكل المقاييس، ولحسن حظه فإن العلاج أتى بنتيجة إيجابية فشفى من مرضه ...وبالحقيقة كان قد شفى من المرض الأخطر وهو الكبرياء، 

فعاد إلى عمله وإلى مرضاه إنسانًا جديدًا رحيمًا شفوقًا غاية الشفقة، إذ صار المرضى بالنسبة له كجسده الخاص .
هكذا كنا نوجه نظر الأحباء إلى هذه الحقيقة منذ بداية حياتهم المهنية ..وهكذا نما كثيرون نموًا، مطردًا ليس من جهة ما أصابوا من النجاح والشهرة بحسب المجال الطبي، بل بحسب نمو إدراكهم الروحي وانفتاح وعيهم على هذه الحقيقة والعيش بمقتضاها .

ثمة أمر آخر كنا ننبه إليه الأذهان ... إن قدرات الإنسان محدودة مهما سمت وإنه "إن لم يبن الرب البيت فباطلاً يتعب البناؤون ".. على ذلك يتفكر الإنسان دائمًا أن الله هو الوحيد الذي يعرف سر مرض الإنسان لأنه صُنع يديه وهو مكوّنه في الأحشاء قبل أن يولد .فالطبيب الناجح يدرك دائمًا أن يد الله هي الى تمتد وتمنح شفاءً للنفس والجسد معًا .. فالمسيح هو طبيب الأرواح والأجساد، فإن سمح الرب واستخدم آنية ضعيفة فلكي يتمجد هو ...فلذلك نعطي المجد اللائق لله حين ينجح طريقنا ونشكره ان استخدمنا لمجده .

وقد عاش كثيرون من الأحباء ملتصقين بالرب يمجدونه في كل يوم وفي كل ساعة ويشعرون بصدق مواعيد الله الأمينة وقد حدثت في حياة الكثير منهم أمور يتعجب منها .

من الأمثلة الحية التي شهدت لنعمة المسيح وعمل الروح القدس، أحد أحبائنا وهو طبيب مشهور التصق بالرب منذ شبابه المبكر، إذ كان يتردد على أبينا مينا المتوحد في مصر القديمة يعترف عليه ويسترشد بنصائحه الأبوية، فلما اعتلى البابا كيرلس عرش مارمرقس الإنجيلي

وكان هذا الأخ قد تخرج من كلية الطب منذ سنوات وصار طبيبًا للبابا في فترات إقامته بالإسكندرية ودير مارمينا .و كان البابا يأنس إليه ويحبه ويشجعه على الطريق الروحي ...إذ كان هذا الأخ قد كرس نفسه أن يحيا بتولاً متقدسًا وهو في العالم .
وقد كانت حياته الروحية تظهر في غاية الوضوح مشهودًا، لها من الجميع مؤمنين أو غيرهم .

وإذ ذاع صيت فضائله وعلمه وعمل الله معه صار من أشهر الأطباء وأكثرهم زحامًا .. وكان طويل الروح دائم البشاشة كثير الصلاة .
لم يكن يضع يده ليكتب دواء لإنسان إلا ويرفع قلبه لله في صلاة قصيرة، وكان الناس يظنون أنه يعصر فكره ويركزه لكي يكتب الدواء المناسب، بينما كان هو يطلب نعمة ويطلب معونة الله ويمجده من أجل أعمال حبه ورحمته .وقد أكرم الله هذا الأخ بقلب عجيب في المحبة وعميق في الاتضاع، سخي في العطاء وقد صار مجال عمله مجال خدمة المسيح، فقراء كثيرون كانوا يجدون فيه حب المسيح الحاني، فكان يعالج ويصرف الدواء ويعطي معونات في الخفاء .

لقد مارس عمل الخدمة الباذلة آلاف المرات ومع جميع أصناف الناس وبلا تمييز أو محاباة، فحين كان يعالج أحدًا، من مرضاه ويشعر أن حالته حرجة، ما كان يترك منزله بل يكرس وقته حتى إلى ساعات طويلة إلى جوار فراشه ...وإن لزم الأمر ينزل بنفسه مسرعًا في منتصف الليل أو قبل الفجر إلى الصيدلية الوحيدة في محطة الرمل التي يتوفر فيها الأدوية في مثل هذه الأوقات ويعود بلهفة يتابع الحالة ويسهر بنفسه دون تكليف من أحد غير ناظر إلى أى اعتبار ... وعبثًا حاول أحد أن يكافئه عن هذا العمل ...فلم يتقاض عن مثل هذه الأعمال أجرًا من إنسان أيًا كان، حتى الأدوية التي كان يشتريها في مثل هذه الحالات وهي مكلفة جدًا لم يكن يأخذ ثمنها من أحد .

كان تصرفه عجيبًا في عيون الناس، لم يكن كباقي الأطباء الذين يؤدون واجبًا بل كان تكليفه من الله أن يعمل رحمة مع جميع الناس . فأحبه الناس حبًا فائقًا إذ رأوا فيه صورة نادرة من صور الحب المجاني الذي اقتناه من الذي بذل نفسه لأجلنا .
......................................

منقول من 

المؤلف : جناب القمص/ لوقا سيداروس
الكتاب : رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الناشر : كنيسة مارجرجس باسبورتنج
الجزء : الثالث

Thursday, October 10, 2013

الصلاة الدائمة

الصلاة الدائمة

صلوا كل حين ... صلوا بلا انقطاع .. كانت هذه الآيات هي محور الحياة في قصة السائح الروسي  ...الذي قضى العمر كله في هذا الاختبار العجيب إذ صارت حياته كلها صلاة وصلاته كلها حياة  ... فلا فصل بين الحياة والصلاة ... أما أنا فصلاة  ... وقد ساعد السائح في هذا المجال أقوال الآباء الكبار قديسى البرية الذين كرسوا حياتهم في اختبار الصلاة وقد دوّنوا أقوالهم الحية في كتاب الفيلوكاليا . وهو من الكتب الروحية التي ترجم أبونا بيشوي كامل جزءاً منه . على أننا في حياتنا وسعينا في العالم قد لا نحرم من هذه المتعة إذا صار فينا هذا الاشتياق ... 
إذا أخلصنا في التدرب على حياة الصلاة، وهذا ليس مستحيلا بل يحتاج إخلاص وصبر وممارسة .وقد كان أبونا بيشوي يعطي أولاده في الاعتراف تداريب على الصلاة الدائمة مثل صلاة يسوع  ... ويحبب إليهم النطق بالإسم الغالي كثيرًا ومناداة اسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح  ...أو صلاة اللهم التفت إلى معونتي ... وكان يسميه مزمور النجدة وكان يسمي هذه الصلوات الصلاة السهمية ..  أي أنها صلاة قصيرة ولكنها فعالة كالسهم السريع الحاد .وقد تدرب كثيرون من كل فئات الشعب إذ وَجَدوا في اسم الرب يسوع فعلاً برجًا حصينًا يركض إليه الصديق ويتمنع .

ومن المواقف التي لا تُنسى أذكرأننا كنا سويًا في سيارته ونحن في بعض الزيارات في منطقة الكنيسة، 
وفجأة قال لي : هلم فأريك منظرًا جميلاً، 
قلت له : أين؟ 
فأوقف سيارته، ثم أشار بيده إلى إحدى العمارات
وقال :انظر إلى البواب ... فلان هل تعرفه؟ 
قلت : نعم أعرفه  ... 
قال :هل ترى ماذا يفعل؟ 
فلما حققت النظر، وجدت البواب جالسًا أمام العمارة مطرقًا برأسه إلى أسفل، 
فقلت لأبونا ماذا يفعل؟ 
قال لي إنه يصلي ... لقد تعلم الصلاة بالأجبية وهو يواظب عليها طول النهار والليل، يجلس أمام
باب العمارة يصلي ولاينشغل بشيء إلا بال صلاة ورفع القلب لله . 
وجلسنا في السيارة ونحن نتحدث عن فاعلية الصلاة والتمتع بها مهما كان عمل الإنسان، فإنه لا يمكن أن يشغله عن الصلاة متى تعلق قلب الإنسان بها .
وفي أثناء ذلك علا صوت إحدى ساكنات العمارة تنادي البواب ليقضي لها طلبًا فوجدته للحال يرد عليها مجاوبًا و بكل وداعة وهدوء وضع الأجبية في جيبه وتطلع إلى مصدر الصوت ...أنزلت السيدة سلة من أعلى، فالتقط ما بها من نقود وانطلق يشتري لها ما أرادت ... 
وقال لي أبونا أن جميع سكان العمارة والجيران والمحيطين يحبون هذا الرجل حبًا عجيبًا لكثرة أدبه وطاعته وسرعة خدمته وأمانته، وهم لا يعرفون أن مصدر الجاذبية هي حياة الصلاة الدائمة والصلة بالمسيح التي يحياها هذا الرجل البسيط بكل الصدق والإخلاص .

وقد تذكرت أيضًا زميل لي - وهو صديق عمري - كان يعمل معيدًا بالجامعة، وقد ملكت حياة الصلاة على كل مشاعره وأحاسيس قلبه فكان يلهج في ناموس الر ب نهارًا و ليلاً .وكان في أثناء تأدية عمله يشتاق إلى الصلاة، فكان كلما ملأ السبورة التي يشرح عليها للطلبه كلامًا، يرفض أن يقوم أحد الطلبة بمحو ما هو مكتوب عليها، ويصر أنه هو بنفسه يفعل ذلك، فيلتفت إلى ناحية السبورة، ويأخذ بيده "البشاورة " ويبدأ بمسح السبورة بنظام من أعلى إلى أسفل وفي خطوط متوازية وبهدوء شديد ...وكان الطلاب يعزون ذلك إلى شدة النظام وال نظافة التي يتحلى بها هذا الأخ والواقع أنه كان ينتهز هذه الفرصة لينال دقائق في صلاة عميقة يخرج بها من دائرة العمل ومن جدران الفصل ومن مباني الجامعة بل ومن حدود ال عالم المادي المرئي إلى أجواء الروح العليا ... لأن الذي اختبر قوة الصلاة يعلم أنها رفع العقل والقلب إلى الله، فالقلب والعقل يختطفا في لحظه إلى السماء، إذا كان الروح نشيطًا في الأنسان، ولا يحتاج الأمر إلى زمن، إذ أن الاستعداد إلى التحليق في الروحيات كائن ونار الروح متأججة لا تنطفيء .

ورأيت في حياتي مثلاً آخر لحياة الصلاة بلا تكلف ... فحين تصدر الصلاة طبيعية تصير كلازمة من لوازم الحياة ... تكون مثل التنفس للجسد فهي تحدث بصورة تلقائية عفوية دون تغصب أو أجتهاد ودون تمثيل أو محاولة للتقليد .

أعرف سيدة في المسيح، عاشت الحياة المسيحية غاية في البساطة والعمق في آن واحد، وقد كنت أتردد على منزلها كثيرًا، إذ تربطني بها صلة قرابة وثيقة .. كنت أراها وهي في مطبخ منزلها، الذي
كانت تقضي فيه ساعات طويلة تخدم أسرتها بكل الحب والاتضاع والبذل ...تلبس " مريلة " فوق ملابسها وفي جيب المريلة توجد الأجبية  ...

فكل ما تحين لها فرصة أثناء عمل المطبخ ولو إلى دقائق تخرج أجبيتها وترفع قلبها بالصلاة ولو مزمور واحد ... وهكذا كانت كل الأيام ...وكنت أتباسط معها الحديث وأقول الأكل حلو لأنه معمول بالمزامير ...فكانت في اتضاع وخجل تقول 
مزامير إيه بس واحنا بنصلي إيه وفين الوقت اللي بنقضيه مع رينا ...
دا الواحد مكسوف إنه بينشغل بالحاجات دي  ...
والواقع أنه لم يكن شيء ليشغلها عن الصلاة والقراءات والحياة الهادئة، فهي وإن كانت بحسب الظاهر كمثل مرثا تعمل الخدمات الكثيرة ولكنها حازت قلب مريم المصلية الهادئة التي اختارت النصيب الصالح الذي لن يُنزع منها. 

ومن الأمور التي شهد بها جميع عارفيها أن حياة الصلاة الحقيقية قد طبعت عليها لونًا من الوداعة عجيب، في هدوء صوتها الخفيض الذي لم أسمعها غاضبة أو مرتفعة الصوت أو محتدة، بل في
هدوء الملائكة عاشت أيام السماء على الأرض وقد زانتها حياة الصلاة بزينة الروح القدس الوديع الهاديء الذي هو قدام الله كثير الثمن حتى
انطلقت إلى المجد، وعبرت كعبور النسيم الهاديء .
.................................................

منقول من : ...

المؤلف : جناب القمص/ لوقا سيداروس
الكتاب : رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الناشر : كنيسة مارجرجس باسبورتنج
الجزء : الثالث

Wednesday, October 9, 2013

المعمودية المقدسة

المعمودية المقدسة

في يوم من أيام الآحاد سنة 1967 بعد نهاية القداس الإلهي ونحن نصرف الشعب، و إذا بسيدة فقيرة تحمل طفلاً صغيرًا، تقدمت وطلبت من أبونا بيشوي كامل أن يعمد لها الطفل لأنه مريض وهي تخشى أن يموت دون عماد .كان أبونا بيشوي يومها يحمل الأسرار المقدسة وهو ذاهب ليناول مريضًا في إحدى المستشفيات .التفت إلىّ أبونا بيشوي وقال للمرأة أبونا ممكن يعمده .. نظرت إلى الطفل الذي تحمله وإذا هو شبه ميت، لونه أصفر مائل إلى الزرقة وعيناه مغمضتان متورمتان ويتنفس بصعوبة بالغة ..والحق يقال أنني خفت وخشيت أن أعمد مثل هذا الطفل، فإن كان وهو على هذه الحال يتنفس هكذا بصعوبة، فماذا يكون الحال عندما يغطس تمامًا في ماء المعمودية؟ وتخيلت أنه يموت بين يدى ... فقلت لأبينا بيشوي :أنا لا أستطيع، فالطفل سوف لا يحتمل، وأنا خائف .ساعتها كان يقف بيننا شماس صغير، وكان منصتًا لما يدور بيننا فهتف الشماس قائلا:
هو حد بيموت من المعمودية؟ "
فالتفت أبونا بيشوى إلى الشماس ثم استدار فقال ليّ :
عمده على إيمان الولد ده إذا كنت خائف .
وتركني ومضى إلى المستشفى لكي يناول المريض المنتظر هناك .

ذهبت إلى حجرة ال معمودية مرغمًا، وصليت على الطفل، وكنت بين الحين والآخر أنظر إليه، هل هو حي بعد؟ ...انتهيت من الصلوات، وكنت في داخلي أصلي من أجل أن يعطيني الرب هذا الإيمان ويطرد عني الخوف .
بعد جحد الشيطان، ثم الإقرار بالإيمان بالمسيح، دهنت الطفل بزيت الغليلاون و أكملت الصلوات المكتوبة .ئم أخذت الطفل من يد أمه بحرص شديد وأنزلته في المعمودية وأنا أقول أعمدك يا ... باسم الآب والإبن والروح القدس،
ثم غطسته بسرعة في الماء المقدس وانتشلته، وأنا أقول لنفسي هل مازال حيًا؟
هل فيه نفس؟ وإذ رأيته يشهق ثم تنفس كم شكرت الله .
ثم دهنته بالميرون المقدس.
وألبسته ملابس المعمودية، ثم شددته بالزنار وطاف به الشمامسة البيعة المقدسة ثم حللنا الزنار، وقرأت لها الوصية وصرفتها بسلام و قلت لها في أول قداس ممكن يتناول إذا عاش !

عاد بعدها أبونا بيشوي وسألني :هل عمدت الطفل؟
قلت :نعم ، إنها أول خبرة لي مع مثل هذه الحالات،
وقلت له سامحني فأنا كنت في خوف لئلا يموت الولد في يدي ولا يحتمل أن يغطس في ماء المعمودية .
طمأنني أبونا بيشوي وقال لابد أن يكون لنا نحن الكهنة إيمان عميق وقوي بفاعلية الأسرار الإلهية ... أليست المعمودية هي القيامة ...فنحن ندفن في المعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات نقوم نحن في الحياة الجديدة .
ثم قص لىّ قصة أنه في أيام خدمته الأولى وكان يعمد طفلة لأسرة غنية وفي أثناء الصلوات قبل المعمودية حضرت امرإة فقيرة تحمل طفلاً صغيرًا، وقالت ممكن أعمد ابني فقال لها أبونا ممكن وأكمل الصلوات للطفلين، ولما خلعت المرأة الفقيرة ملابس ابنها وإذ جسمه مملوء دمامل، فتأففت الأم الغنية من المنظر وقالت لأبونا ... لا يمكن أن أعمد ابنتي مع هذا الطفل لئلا يصيبها هذا المرض، فحاول أبونا اقناعها أن الأسرار المقدسة فيها قوة إلهية فائقة ... فلم تقتنع وأصرت أن ابنتها تنزل
المعمودية أولاً .
لم يرد أبونا أن يؤزم الموقف، لضيق الوقت، لأنه كان قبل القداس، ولايتسع الوقت لكثرة الجدال ... فعمد البنت أولأ ثم الولد الفقير، وهو يتأسف في نفسه على قلة الإيمان والنظرة المادية للأسرار .وفي الأسبوع التالي حضرت المرأة الفقيرة مع طفلها وقد تعافى تمامًا، بينما كانت الأم الغنية تشتكي أن صحة ابنتها ليست على ما يرام ...فأراها أبونا الطفل الفقير وقال لها :
لقلة إيماننا نحن لا نحصل على كثيرمن النعم، وقادها إلى التوبة وتقوى إيمانها وكانت دائمًا تذكر هذه الحادثة لكثيرين وهي تمجد الله .

سمعت هذا الكلام وتأثرت وكنت أنتظر حتى أرى الطفل الذي عمدته ترى ماذا حدث له . لا أذكر أنني أخذت عنوان السيدة الفقيرة فهي غالبًا من الحضرة أو عزبة المطار، ولأ أذكر حتى اسمها ... وسألت أبونا بيشوي فقال إنه لا يعرفها .
مضت عدة أسابيع، وفي يوم أحد بعد القداس إذ السيدة الفقيرة أمامي فأسرعت إليها أسأل كيف حال طفلك؟ فأشارت باصبعها، فنظرت إذ الطفل يحبو في أرض الكنيسة، وجهه مشرق و مكتمل الصحة ... حملته بين ذراعي وكنت أقبله وأنا غير مصدق من الفرح، لقد تبدل الإنسان الميت وصارت فيه قوة حياة جديدة .
........................................

منقول من

المؤلف : جناب القمص/ لوقا سيداروس
الكتاب : رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الناشر : كنيسة مارجرجس باسبورتنج
الجزء : الثالث

Thursday, October 3, 2013

لا تغرب الشمس على غيظكم ...

استصحبني المتنيح القمص متياس روفائيل في أثناء رحلة بصعيد مصر كنا فيها معًا لأمور تخص الكنيسة في سنة 1972 ، وفي طريق عودتنا زرنا قرية دير النغاميش ... وهي قرية كل سكانها أقارب وهي مسقط رأس البابا يوساب الثاني وأقاربه من الكهنة والرهبان ... وجو القرية يوحي بالبساطة الشديدة والمحبة والحياة المسيحية فيها كأنها بكر لم يفسد العالم نضارتها وبلا علم وبلا فلسفة فإنهم يمارسون الفضائل المسيحية إذ يتسلمها جيل الصغار عن آبائهم بلا تكلف . 

وفيما نحن نخطو في درب صغير ينتهي بمنزل الأسرة التي نشأ فيها أبينا متياس روفائيل - نيح الله نفسه -بدأ يحكي لي عن أقاربه وجده القس بطرس وأعمامه ... 

ومن النوادر التي أذكرها أن اثنين من أولاد العمومة وكانوا وقتذاك في الخسمينات من عمرهما وكانا معتبرين من المتقدمين في العائلة ... بينما هما في الحقل خارج القرية وفي عصر يوم من الأيام حدثت بينهما مناقشة كلامية ناتجة عن سوء فهم وتغاضبا بصياح ...
فترك أحدهما الآخر ورجع إلى القرية ... كانا هما منفردان في الحقل لم يكن أحد معهما .. وكأن الأمر بينهما قد انتهى بنهاية هذه المناقشة وكأن شيئًا لم يكن، إذ أن الموضوع الذي كانا يتناقشان حوله موضوع تافه .

وبعد ساعة من هذا الأمر جاء الرجل الذي ترك ابن عمه وعاد إلى القرية إلى بيت ابن عمه ونادى قائلاً :سلام ...هل فلان هنا؟ ...
فرد عليه من فى البيت :لا يا عم ... فلان مازال في الحقل تفضل ...
قال : لا متشكر .وعاد راجعًا وبعدها بعشر دقائق أو ربع ساعة، عاد يقول : ...
إيه فلان لم يأتِ بعد؟ 
قالوا له : لا ..لم يأت بعد، تفضل ... لماذا؟ ...فنظر إلى فوق نحو السماء ...
وقال :لا معلهش ...آجى مرة أخرى .

وتكرر هذا الأمر أربع أو خمس مرات خلال الساعة ... حتى تعجب أهل البيت وقالوا ماذا في الأمر، ليس من عادتك أن تفعل هذا .

وكان الرجل قلقًا جدًا وكلما لا يجد ابن عمه قد رجع، ينظر إلى السماء وقد بدت عليه علامات القلق. ولما وجده قد تأخر هكذا ... أسرع متجهًا نحو الطريق خارج القرية الذي يؤدي إلى الحقل ... 

كانت الشمس قد قاربت على المغيب وكان الرجل يركُض وهو شيخ مسّن وهناك في الطريق وجد ابن عمه راجعًا ...فلاقاه ووقع على عنقه مقبلاً إياه طالبًا السماح ...
وكان ابن عمه يقول بل أنا يا أخي المخطيء إليك وأنت تأتي إليّ ...
فكان يقول بل أنا أخطأت أنا رفعت صوتي ... سامحني ...خشيت أن تغرب الشمس. أنا قد أحزنتك ... والرب قال : " لا تغرب الشمس على غيظكم ".
ولما عُرِفَت القصة بأكملها عَلِم الكل أن الرجل كان قلقًا لئلا تغرب الشمس وهو يشعر أنه قد كدّر أخيه ...
إلى هذا الحد كانوا يعيشون الإنجيل بالروح والنص معًا في بساطة متناهية وتدقيق مذهل للعقل .

فلما سمعت هذه القصة تأسفت في نفسي على ما أرى وما أسمع كل يوم من مشاحنات ومخاصمات بل ومحاكم وبغضة وفرقة، بل حتى الإيذاء، 
كيف يعيش الإنسان المسيحي في عداوة؟ وهو تلميذ المحبة ! 
كيف يستطيع أن يبغض إنسانًا أو يحقد على أحد ؟ 
بل والأدهى كيف يدوم في العداوة لا أيامًا بل سنين؟ 
وقلت إننا عدمنا الحياة المسيحية برمتها .
وحين حفظ هؤلاء المحبة ... عرف الجميع أنهم تلا ميذ الرب بحسب قوله 
" بهذا يعرف الناس أنكم تلاميذي إذا كان لكم حب بعضكم لبعض ".
إن مثلاً واحدًا من هذه الأمثلة الشاهدة للمسيح لهو أبلغ من مئات العظات وآلاف الكتب . لأنه ليس بعد شهادة الحياة شهادة وليس أقوى من حفظ وصايا المسيح قوة في الحياة .

يا رب انعم على أولادك بنعمة السلام القائم على المحبة الحقيقية واحفظهم من البغضة والانقسام وكل ما هو ضدك أيها الحب الإلهي الدائم إلى الأبد .
..........................................................

منقول من : ...

المؤلف : جناب القمص/ لوقا سيداروس
الكتاب : رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الناشر : كنيسة مارجرجس باسبورتنج
الجزء : الثالث