كنيسة مارجرجس اسبورتنج
رائحة المسيح في حياة أبرار معاصرين
الجزء الأول
مقدمــة
اقترنت سير القديسين في أذهان البعض ، بالإنفصال عن العالم و البعد بعيدا عنه بالجسد ، وقد استقر في أذهان البعض أن طريق القداسة أوالحياة مع اللَّه في صورتها الكاملة تتطلب خروجاً إلى دير ، أو مغارة ، وقد ساعد على انتشار هذا الفكر –ربما عن دون قصد – بعض الكتابات التي أظهرت في جملتها نماذج من حياة الآباء القديسين وفي حياة الرهبنة –كما أسهم أيضا بعض خدام الكلمة في إرساء هذا الفكر في عظاتهم وكلماتهم التي كانت لا تخلو من إبراز نواحي القداسة بأمثال وقصص للآباء القديسين ، من الرهبان ، حتى ما يكاد يسمع السامع كلمة قديس حتى يتجه بفكره إلى المرادف الذي استقر في ذهنه وهو الراهب المتعبد في البرية .
وحتى صار البعض في تعليمهم يقولون في بساطة "مرة كان في راهب قديس ...إلخ "، أو " مرة كان في قديس راهب... إلخ" وهكذا كاد يختفي من تعاليمنا وتراثنا الذي يسجل بالكلمة المكتوبة أو المسموعة –كاد يختفي أن الكنيسة زاخرة بما لا يعد من الكثرة من أبرار وشهود للرب من كل عينات الشعب في كل جيل وفي كل سن وفي كل ظروف الحياة الاجتماعية من فقراء وأغنياء على السواء ، ولسنا هنا نقلل من شأن الحياة الرهبانية ولا من قداسة الآباء الذين خرجوا وداسوا العالم وأحبوا المسيح أكثر من الحياة ، ولسنا ننكر فضل وقداسة آبائنا القديسين من الرهبان في كل عصور الكنيسة سواء كانوا من القدامى الذين بلغ صيتهم إلى أقصاء المسكونة أو في الأجيال الحديثة .
ولكننا أردنا هنا أن نُبرز معنى آخر يجب أن يكون واضحا كل الوضوح وهو أن القديس في المفهوم الأرثوذكسى ليس هو صانع المعجزات فحسب ، ولكنه الإنسان السائر والمجاهد في طريق القداسة فالكنيسة منذ نشأتها وهى مؤازرة من الروح القدس بالآيات والعجائب التي كانت تُجرى على أيدى الرسل وكان الرب يشهد لكلمة نعمته بالآيات التابعة كوعد الرب القائل "إن هذه الآيات تتبع المؤمنين " على أن هذا السلطان على شفاء المرضى وإخراج الشياطين وصنع الآيات أعطى للكنيسة للذين وهب لهم كمؤازرة من اللَّه وسند الروح القدس ولكن ليكن معلوما أنه منذ البدء اتسمت الكنيسة بسمة القداسة وقد دعى المؤمنون منذ البدء قديسين ، فالرسول بولس يخاطب الكنيسة في أماكن متعددة بأنهم قديسون
:"بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة اللَّه وتيموثاوس الأخ إلى القديسين في كولوسي والأخوة المؤمنين في المسيح ". ( كولوسى ).1
بولس وتيموثاوس عبدا يسوع المسيح إلى جميع القديسين في المسيح يسوع ". ( فيلبى1 ).
بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة اللَّه إلى القديسين الذين في أفسس والمؤمنين في المسيح يسوع "( أفسس1 ).
بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة اللَّه وتيموثاوس الأخ إلى كنيسة اللَّه التي في كورونثوس مع القديسين أجمعين ". ( 2كو ).1
فالقداسة إذن ليست هى صُنع المعجزات ولكن هى الحياة المسيحية عندما تتوافق في جزئياتها وكلياتها مع وصايا الرب فتفوح منها رائحة المسيح الزكية بلا تكلف وبدون رياء .
على هذا أردنا أن نطرق باب الحديث عن الأبرار المعاصرين ، الذين رأيناهم رؤى العين وعايشناهم عن قُرب وكانت سمات القداسة ورائحتها تملأ حياتهم .
ونحن هنا نتعرض لعينات ونوجز كلمات بسيطة تكشف عن عمق وغنى الروح في حياة الذين سلكوا بالروح حسب وصية الإنجيل ونرجو بالرب أن تكون هذه باكورة لسجل حافل من حياة الأبرار المعاصرين .
(يتبع)
No comments:
Post a Comment