جاءني
خادم الكنيسة (الفراش) ... وكنت وقتها في المعمودية أتمم السر المقدس لأحد
الأطفال ... وقال لي إن سيدة بالباب هي ووالدتها تطلب مقابلتك ... قلت له:
حالما أنتهي من العماد أدخلهما إلى هنا ...
ودخلت السيدة
ووالدتها مرتعبتين في خوف وحذر ... وسلمتا علي ... أدركت للحال أنهما
غريبتان عن الكنيسة ... وربما هذه هي المرة الأولى التي تتقابلان فيها مع
كاهن ...
رحبت بهما مهدئا من روعهما ... وأذنت لهما بالجلوس ... وقلت: "كيف أستطيع أن أخدمكما؟" ...
فلما هدأت الشابة وهي على ما يبدو في الثلاثين من عمرها ... بدأت تقص علي
قصة غريبة ... قالت: "نحن كما ترى غير مسيحيتين ... ولكننا من أسرة متدينة
محافظة ... ونعيش في سلام مع جيراننا ومنهم أسرة مسيحية ... تربطنا بها
أواصر المحبة ... وقد صحبتنا السيدة جارتنا المسيحية إلى هنا وأدخلتنا
لأننا لا عهد لنا بالدخول إلى الكنيسة ... بل هي أول مرة نتحدث فيها إلى
قسيس ...
قالت السيدة الشابة: "منذ شبابي المبكر وأنا أحب سانت
تريز ... لقد سمعت عنها في المدرسة ... وإطلعت على سيرتها ... فأحببت فيها
الرقة في المشاعر واحتمال المرض في شكر ... وأحسست أن حياتها الهادئة
الوادعة هي أفضل حياة ... ولست أدري كيف صارت كأنها صديقتي ... أتكلم معها
وأحبها ... وإزدادت علاقتي بها ... فأحببت كل ما أحبت في حياتها ... وتمنيت
أن أحيا على مثالها ...
ومنذ سنوات تقدم لخطبتي شاب متدين من
أسرة معروفة لنا ... ويشغل وظيفة محترمة ويواظب على كل فروض ديننا ... وهو
رجل ملتحي ... وعلى خلق طيب ومحترم من جميع الناس ... وتمت خطبتي إليه
وإرتبطنا بالزواج ...
ومن الأمور التي لا أنساها أنه قبل زفافي
بيوم واحد ... رأيت في رؤيا الليل أن سانت تريز تقدم لي باقة من الورود ...
وكم فرحت بها ... وأحسست باحساس غامر من الفرح ... لم يكن شيء يفرحني في
يوم زفافي أكثر مما فرحت بهذه الهدية وكأنها تبارك حياتي" ...
قلت لها: شيء جميل ... ان القديسين وهم في السماء يحسون بالذين يرتبطون بهم على الأرض ...
ثم استمرت في سرد قصتها ... فقالت: "سارت حياتي هادئة طبيعية لا يعكر
صفوها سوى حلم مزعج كان يتكرر على مدى سنة كاملة بين الحين والآخر ... قلت
لها: "وما هو؟" ...
قالت: "كنت أرى وكأن شخصا غريبا مزعجا جدا
وشكله قبيح للغاية ... شرس بلا رحمة ... كان يطاردني وكأنه يريد أن يعتدي
علي ويغتصبني ... وكنت أفزع منه أيما فزع ... وكنت يوم أن أحلم بهذا الحلم
المزعج ... أقوم من نومي منهكة القوى مشتتة الذهن ... وكأني مريضة فلا أضبط
قوة ...
وكان زوجي يسألني عن حالي فكنت أقص عليه هذا الأمر ...
فكان مرة يهون علي الأمر ومرة يسخر مني ... ومرة نذهب إلى أحد المشايخ
وأصحاب المعرفة ... فكان كل منهم يقول كلاما ... أما واقع الأمر فبقي كما
هو ... فإزداد إضطرابي ... حتى صرت أكره النوم خشية ما أعانيه من أحلامي
هذه ...
وبالأمس ... نمت في حوالي العاشرة والنصف مساءا ... وفي
نصف الليل تكرر هذا الكابوس المزعج ... طاردني الشبح المخيف ... وياللهول
!!! ... لقد لحق بي وطرحني أرضا ووقع عليّ !!! ...
شعرت لحظتها أن
ظلمة كثيفة غشيتني ... بل وقعت الظلمة في داخلي ... كدت أموت ... لم أكن
أقدر ولا على التنفس من شدة الخوف والألم والظلمة معا ... ولكني بما بقي
فيّ من قوة هزيلة ... وصوت خافت كما من بئر سحيق ... كنت أقول : يا رب
خلصني ... يا رب نجني !!!
وللحال سمعت صوت جلبة قوية ... كأرجل
حصان يركض ... حتى إقترب مني وأنا ملقاة في حالتي هذه ... فتحت عيني في خوف
فرأيت منظرا من نور ... إنسانا راكبا جوادا وممسكا بحربة في يده ... ووجهه
جميل ومنير ... ومنظره كله بهاء ... حتى حصانه منير ...
ثم صار
صوت من راكب الفرس وإذا هو ينتهر الظلمة التي في داخلي ... أن "أُخرج منها"
... فجاوبه بجفاء: "لا" ... وحدثت مجادلة صعبة ... وأنا أسمع بخوف ورعب
وفزع شديدين ...
فلما زاد عناد الشبح الذي ربض في داخلي كظلمة ...
بادره راكب الفرس بطعنة من حربته بقوة فائقة !!! ... جاءت الطعنة في صدري
... ونفذت الحربة من ظهري ...
وفي الحال ... في سرعة البرق ... إنقشعت الظلمة من نفسي تماما ... وحل بي نور وسلام وهدوء عجيبين !!!
أفقت في لحظتها فلما فتحت عيني وجدت زوجي جالسا على السرير في حالة من
الهلع والرعب ... قلت له: "مالك جالس هكذا؟" ... قال: هل أنت بخير؟" ...
قلت له الحمد لله ... أنا بخير ... فجلست وقصصت عليه ما حدث لي تماما وأنا
متأثرة غاية التأثر ... فقال: "هوني على نفسك ودعك من هذه التخاريف " ...
وحاولت جاهدة أن أعرف ما الذي أيقظه أو ماذا رأى أو ماذا سمع ... فلم يجبني
بكلمة !!!
وفي الصباح قمت فرحة سعيدة ... وعندما كنت أبدل ملابسي
... وجدت ملابسي الداخلية ملطخة بالدم ... وأخرجت ملابسها من كيس بيدها
... وإذا دائرة من الأمام ودائرة من الخلف أثر الحربة التي طعنها بها هذا
الفارس العجيب ...
سألتها وقد أصابتني دهشة غامرة: "هل تعرفي
البطل مارجرجس؟" ... قالت: "لا" ... قلت لها تعالي ورائي ... وذهبت بهما
إلى حيث أيقونة الشهيد العظيم مارجرجس ... فلما رأت الأيقونة هتفت بصراخ
... "هـــو ... هـــو" !!! ...
فجلست أتكلم معها عن سيرة أمير
الشهداء ... وهي تصغي وقد أشرق وجهها متهللا ... قلت لها رغم أنك لا تعرفين
مارجرجس ... ولم تطلبيه للمعونة ... ولكنك عندما طلبت إلى الله قائلة يا
رب خلصني ... يا رب نجني ... فإن الله تبارك اسمه يستجيب في الحال ...
فأرسل إليك أحد رجاله القديسين ... وهو قوي في المعونة ... وسريع الندهة
... وقاهر للشياطين ... وأما الحربة التي في يده فهي ليست مادية ... بل هي
الصليب المقدس العلامة التي تخيف الشياطين وتكسر شوكتهم !!!
من كتاب:
المؤلف: القمص لوقا سيداروس
إسم الكتاب: رائحة المسحي في حياة أبرار معاصرين
الناشر: كنيسة مارجرجس باشبورتنج
الجزء 2 صفحة 21 - 25
ودخلت السيدة ووالدتها مرتعبتين في خوف وحذر ... وسلمتا علي ... أدركت للحال أنهما غريبتان عن الكنيسة ... وربما هذه هي المرة الأولى التي تتقابلان فيها مع كاهن ...
رحبت بهما مهدئا من روعهما ... وأذنت لهما بالجلوس ... وقلت: "كيف أستطيع أن أخدمكما؟" ...
فلما هدأت الشابة وهي على ما يبدو في الثلاثين من عمرها ... بدأت تقص علي قصة غريبة ... قالت: "نحن كما ترى غير مسيحيتين ... ولكننا من أسرة متدينة محافظة ... ونعيش في سلام مع جيراننا ومنهم أسرة مسيحية ... تربطنا بها أواصر المحبة ... وقد صحبتنا السيدة جارتنا المسيحية إلى هنا وأدخلتنا لأننا لا عهد لنا بالدخول إلى الكنيسة ... بل هي أول مرة نتحدث فيها إلى قسيس ...
قالت السيدة الشابة: "منذ شبابي المبكر وأنا أحب سانت تريز ... لقد سمعت عنها في المدرسة ... وإطلعت على سيرتها ... فأحببت فيها الرقة في المشاعر واحتمال المرض في شكر ... وأحسست أن حياتها الهادئة الوادعة هي أفضل حياة ... ولست أدري كيف صارت كأنها صديقتي ... أتكلم معها وأحبها ... وإزدادت علاقتي بها ... فأحببت كل ما أحبت في حياتها ... وتمنيت أن أحيا على مثالها ...
ومنذ سنوات تقدم لخطبتي شاب متدين من أسرة معروفة لنا ... ويشغل وظيفة محترمة ويواظب على كل فروض ديننا ... وهو رجل ملتحي ... وعلى خلق طيب ومحترم من جميع الناس ... وتمت خطبتي إليه وإرتبطنا بالزواج ...
ومن الأمور التي لا أنساها أنه قبل زفافي بيوم واحد ... رأيت في رؤيا الليل أن سانت تريز تقدم لي باقة من الورود ... وكم فرحت بها ... وأحسست باحساس غامر من الفرح ... لم يكن شيء يفرحني في يوم زفافي أكثر مما فرحت بهذه الهدية وكأنها تبارك حياتي" ...
قلت لها: شيء جميل ... ان القديسين وهم في السماء يحسون بالذين يرتبطون بهم على الأرض ...
ثم استمرت في سرد قصتها ... فقالت: "سارت حياتي هادئة طبيعية لا يعكر صفوها سوى حلم مزعج كان يتكرر على مدى سنة كاملة بين الحين والآخر ... قلت لها: "وما هو؟" ...
قالت: "كنت أرى وكأن شخصا غريبا مزعجا جدا وشكله قبيح للغاية ... شرس بلا رحمة ... كان يطاردني وكأنه يريد أن يعتدي علي ويغتصبني ... وكنت أفزع منه أيما فزع ... وكنت يوم أن أحلم بهذا الحلم المزعج ... أقوم من نومي منهكة القوى مشتتة الذهن ... وكأني مريضة فلا أضبط قوة ...
وكان زوجي يسألني عن حالي فكنت أقص عليه هذا الأمر ... فكان مرة يهون علي الأمر ومرة يسخر مني ... ومرة نذهب إلى أحد المشايخ وأصحاب المعرفة ... فكان كل منهم يقول كلاما ... أما واقع الأمر فبقي كما هو ... فإزداد إضطرابي ... حتى صرت أكره النوم خشية ما أعانيه من أحلامي هذه ...
وبالأمس ... نمت في حوالي العاشرة والنصف مساءا ... وفي نصف الليل تكرر هذا الكابوس المزعج ... طاردني الشبح المخيف ... وياللهول !!! ... لقد لحق بي وطرحني أرضا ووقع عليّ !!! ...
شعرت لحظتها أن ظلمة كثيفة غشيتني ... بل وقعت الظلمة في داخلي ... كدت أموت ... لم أكن أقدر ولا على التنفس من شدة الخوف والألم والظلمة معا ... ولكني بما بقي فيّ من قوة هزيلة ... وصوت خافت كما من بئر سحيق ... كنت أقول : يا رب خلصني ... يا رب نجني !!!
وللحال سمعت صوت جلبة قوية ... كأرجل حصان يركض ... حتى إقترب مني وأنا ملقاة في حالتي هذه ... فتحت عيني في خوف فرأيت منظرا من نور ... إنسانا راكبا جوادا وممسكا بحربة في يده ... ووجهه جميل ومنير ... ومنظره كله بهاء ... حتى حصانه منير ...
ثم صار صوت من راكب الفرس وإذا هو ينتهر الظلمة التي في داخلي ... أن "أُخرج منها" ... فجاوبه بجفاء: "لا" ... وحدثت مجادلة صعبة ... وأنا أسمع بخوف ورعب وفزع شديدين ...
فلما زاد عناد الشبح الذي ربض في داخلي كظلمة ... بادره راكب الفرس بطعنة من حربته بقوة فائقة !!! ... جاءت الطعنة في صدري ... ونفذت الحربة من ظهري ...
وفي الحال ... في سرعة البرق ... إنقشعت الظلمة من نفسي تماما ... وحل بي نور وسلام وهدوء عجيبين !!!
أفقت في لحظتها فلما فتحت عيني وجدت زوجي جالسا على السرير في حالة من الهلع والرعب ... قلت له: "مالك جالس هكذا؟" ... قال: هل أنت بخير؟" ... قلت له الحمد لله ... أنا بخير ... فجلست وقصصت عليه ما حدث لي تماما وأنا متأثرة غاية التأثر ... فقال: "هوني على نفسك ودعك من هذه التخاريف " ... وحاولت جاهدة أن أعرف ما الذي أيقظه أو ماذا رأى أو ماذا سمع ... فلم يجبني بكلمة !!!
وفي الصباح قمت فرحة سعيدة ... وعندما كنت أبدل ملابسي ... وجدت ملابسي الداخلية ملطخة بالدم ... وأخرجت ملابسها من كيس بيدها ... وإذا دائرة من الأمام ودائرة من الخلف أثر الحربة التي طعنها بها هذا الفارس العجيب ...
سألتها وقد أصابتني دهشة غامرة: "هل تعرفي البطل مارجرجس؟" ... قالت: "لا" ... قلت لها تعالي ورائي ... وذهبت بهما إلى حيث أيقونة الشهيد العظيم مارجرجس ... فلما رأت الأيقونة هتفت بصراخ ... "هـــو ... هـــو" !!! ...
فجلست أتكلم معها عن سيرة أمير الشهداء ... وهي تصغي وقد أشرق وجهها متهللا ... قلت لها رغم أنك لا تعرفين مارجرجس ... ولم تطلبيه للمعونة ... ولكنك عندما طلبت إلى الله قائلة يا رب خلصني ... يا رب نجني ... فإن الله تبارك اسمه يستجيب في الحال ... فأرسل إليك أحد رجاله القديسين ... وهو قوي في المعونة ... وسريع الندهة ... وقاهر للشياطين ... وأما الحربة التي في يده فهي ليست مادية ... بل هي الصليب المقدس العلامة التي تخيف الشياطين وتكسر شوكتهم !!!
من كتاب:
المؤلف: القمص لوقا سيداروس
إسم الكتاب: رائحة المسحي في حياة أبرار معاصرين
الناشر: كنيسة مارجرجس باشبورتنج
الجزء 2 صفحة 21 - 25
No comments:
Post a Comment